وقفة أصولية مع آراء سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه) الأصولیّة – (۲):
“استعمال اللفظ في أكثر من معنى”
🖋:اختلفت كلمة أعمدة المذهب فیما یتعلّق بجواز استعمال لفظ واحد في عدة معان.
فذهب بعضهم إلى جوازه والبعض الآخر إلى المنع ولكلٍّ دليل وبرهان نشير إليها علی نحو الاختصار.
⛔:ممّن ذهب إلى المنع صاحب الكفاية الآخوند الخراسانيّ والمحقق النائينيّ والسيد الشهید محمد باقر الصدر (عليهم رضوان الله) وغيرهم ممّن سبقهم أو تبعهم بناءاً منهم علی أن استعمال لفظ في عدة معان مستحيل ضرورة أن استعمال اللفظ في معنی یکشف عن إفناءه فیه واندكاكه ولا يصحّ إفناء اللفظ في معنيين أو أكثر في وقت واحد بل لابدّ أن يستعمل اللفظ مع معنى واحد مستقلاً دون إرادة سائر المعاني في الوقت نفسه.
✅:و مّمن ذهب إلى الجواز السيد الخوئي (رحمه الله) والسيد السيستانيّ والشيخ الوحيد الخراسانيّ والشيخ السبحانيّ (أدام الله ظلّهم) وغيرهم ممن سبقهم أو تبعهم.
وأفضل دليل لهؤلاء الأفاضل هو وقوع هذا الأمر في اللغة العربية بمقتضی قاعدة “أدل دليل على إمكان شئ هو وقوعه”.
وأشار سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه) أنّ هذه العملية واقعة في كتاب الله العزیز وأشعار العرب والصناعات البلاغية. – فليراجع المتتبّع إلى كتاب الرافد في علم الأصول مقرّراً لأبحاث سماحة السيد المرجع (دام وجود) – .
من الأمثلة لذلك:
قولهم: “قلب بهرام ما رهب” أو “التورية البديعية” أو
“کلمة العين في الشعر المعروف” : ((خاط لي عمرو قباءا – لیت عینیه سواءا)) أو: كلمة “يسجد” في: ((وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)) أو لفظ “يصلّون” في: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) وغير ذلك من الأمثلة وما أكثرها.
وأمّا بالنسبة إلى قضية الإفناء فلاحظ علیه الشيخ الوحيد (حفظه الله):
أن الإستعمال لا يعني انمحاء اللفظ في المعنى وافناءه فيه بل المتكلم لا يكون غافلاً عن اللفظ بالمرة…إلخ. (أمالي الوحيد تقريراً لأبحاث الشيخ الوحيد (دام ظلّه) – ص۳۲۱).
💠و نحن نقول على فرض ثبوت الإفناء والاندماج والانمحاء فما ذُكر بعنوان البرهان على منعه علی أساس ذلك کلّه فهو بالنسبة إلى المسائل التكوينية لا علم الأصول الذي من العلوم الإعتبارية كما يشير إلى هذا المعنى سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه) وكثير من الإشكالات على بعض مباحث الأصول هي منشأها إسراء التكوينيات إلى الإعتباريات و صرّح بهذا الإخطاء السيد المرجع في “الرافد في علم الأصول” فراجع ومثله ما سمعته من سماحة آیة الله السید علي المیلاني (دام ظلّه) بمنع ذلك.
إذن:
لا مانع من استعمال اللفظ في أكثر من معنى وفقاً لما رمی إلیه السيد السيستانيّ (دام ظلّه) وغيره من الأعلام ولا وجه لإسراء التوكينيات إلى الإعتباريات وأدلّ دليل على إمكان شئ وقوعه.
📚المنابع:
*محاضرات في أصول الفقه للشيخ محمد إسحاق الفياض – تقريراً لأبحاث السيد الخوئي.
*أمالي الوحيد لما في أصول الفقه من جديد للشيخ محمد رضا الأنصاري القميّ – تقريراً لأبحاث الشيخ الوحيد.
*دروس في علم الأصول للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (الحلقة الأولى).
*الرافد في علم الأصول للسيد منير الخباز – تقريراً لأبحاث السيد السيستانيّ.
*كفاية الأصول للشيخ الآخوند الخراسانيّ.
*أجود التقريرات للسيد الخوئي – تقريراً لأبحاث المحقق النائينيّ.
*الموجز في أصول الفقه للشيخ السبحانيّ.
✍️: وكتبه الأقل:
ماهرٌ الفرحانيّ الصّيمريّ
۲۸/رجب المرجّب/۱۴۳۷
قم المقدّسة