كتاب تُحَف العقول لإبن شعبة الحرّانيّ في رأي سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه):
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال:
ما رأي سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه) بخصوص صحة نسبة كتاب تُحَف العقول إلى إبن شعبة الحرّانيّ؟
الجواب:
بعد الاطّلاع على مباني سماحة آية الله السيد علي السيستانيّ (نفع الله به ذوي التشرّع) الرجاليّة والحديثيّة وجدنا أنّ نسبة هذا الكتاب إلى الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّانيّ غير ثابتة لدى سماحة السيد (حفظه الله) وذلك بتعليل كون مؤلف هذا الكتاب غير معلوم الحال لدى أرباب الرجال والترجمة ولا يعلم في أيّ عصر كان يعيش ومن أيّ طبقة هو وفي أيّ درجة من الوثاقة والفضل؛ إذ لم يترجم في كتب الرجال.
نعم إنّ سماحته (حفظه الله) أشار إلى أنّه يظهر من نفس الكتاب أن الرجل كان ذا فهم وكون كتابه مشتملاً على روايات لا بأس بها في الجملة غير أنّ هذا لا يوجب الاعتماد على أصل الكتاب والقول بصحة نسبته إلى المؤلف كمدرك للفقهيّات والفتوى.
ولا يخفى؛ أنّ البعض من أعلام المدرسة الحقّة ذهبوا إلى كون المؤلف كان يعيش في القرن الرابع الهجريّ وعاصر الشيخ الصدوق (رحمه الله) والراوي عن أبي علي محمد بن همام المتوفى سنة ٣٣٦.
وقال آخرون فيه مدحاً يوجب الوثوق بالمؤلف وسكون النفس إلى مرويات كتبه. فإليك بعضها:
فقال فيه الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفيّ المعاصر للمحقّق الكركي (رحمهما الله) في كتابه “الوافية في تعيين الفرقة الناجية” على ما حُكي عنه في المجالس للقاضي التستري (رحمه الله) في ترجمة أبي بكر الحضرميّ : الحديث الأول ما رواه الشيخ العالم الفاضل العامل الفقيه النبيل أبو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحرّانيّ في الكتاب المسمى بالتمحيص عن أمير المؤمنين (عليه السلام). انتهی.
وقال أيضاً الشيخ الحرّ العامليّ (رحمه الله) في “أمل الآمل” ما لفظه: أبو محمد الحسن بن عليّ بن شعبة فاضلٌ، محدّث، جليل، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول، حسنٌ كثير الفوائد، مشهور وكتاب التمحيص ذكره صاحب مجالس المؤمنين. انتهی.
وقال العلامة المجلسيّ (رحمه الله) فيه؛ في الفصل الثاني من مقدمة البحار ما نصّه: كتاب تحف العقول عثرنا على كتاب عتيق ونظمه دلّ على رفعة شأن مؤلفه وأكثره في المواعظ والأصول المعلومة التي لا تحتاج فيها إلى سند. انتهی.
وقال المولى عبدالله الأفندي صاحب “الرياض” (رحمه الله) مورداً قوله: العالم الفقيه المحدّث المعروف، صاحب تحف العقول وقد اعتمد على كتابه التمحيص الأستاذ (أيده الله) في البحار والمولى الفاضل القاسانيّ في الوافي. انتهى.
ولا يخفى أنّ نسبة الشيخ الفيض (رحمه الله) إلى قاسان من جهة كونه منسوباً إلى “كاشان” -بلدة قريبة إلى قم تبعد عنها ٧٠ كيلو متراً تقريباً- غير صحيح حيث إن معرّب “كاشان” هو كاسان لا قاسان وأنّه بلدة بقرب أصبهان وما أكثر من لا يستقيم في ذلك.
وقال فيه صاحب “الروضات” (رحمه الله): الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّانيّ أو الحلبيّ -كما في بعض النسخ- : فاضل، فقيه، ومتبحر ونبيه، ومترفع وجيه له كتاب تحف العقول عن آل الرسول، مبسوط كثير الفوائد، معتمد عليه عند الأصحاب، أورد فيه جملة وافية من النبويات وأخبار الأئمة (عليهم السلام) ومواعظهم الشافية على الترتيب..إلخ. اتتهی.
وقال أيضاً الشيخ الجليل العارف الشيخ حسين بن علي بن صادق البحرانيّ (رحمه الله) في رسالته في الأخلاق والسلوك إلى الله على طريقة أهل البيت (عليهم السلام) ما لفظه: ويعجبني أن أنقل في هذا الباب حديثاً عجيباً وافياً شافياً عثرت عليه في كتاب تحف العقول للفاضل النبيل الحسن بن علي بن شعبة من قدماء أصحابنا حتى أن شيخنا المفيد ينقل عن هذا الكتاب وهو كتاب لم يسمح الدهر بمثله. انتهي. (الكنى – ج ١ – ص ٣١٨)
ويوجد ذكره الجميل والممجد في كتاب “أعيان الشيعة” للعلامة العيلم الحجة محسن الأمين العامليّ (رحمه الله) – ج ٢٢، ص ٣١٨- و”تأسيس الشيعة “لسيدنا حسن الصدر (رحمه الله) -س ٤١٣- و”الذريعة للعلامة الرازي (رحمه الله) -ج ٣، ص ٤٠- و”والكنى والألقاب” للمحدّث القميّ (رحمه الله) -ص ٣١٨- وفي مقدمة بحار الأنوار المطبوع حديثاً وغير ذلك من معاجم التراجم.
وليت شعري ما منع سيدنا الفقيه الأعظم سماحة آية الله السيد السيستانيّ (أبقاه الله) من منع ثبوت نسبة الكتاب إلى المؤلف وماهو الدافع لحكمه بكونه غير معلوم الحال عند أرباب التراجم والرجال.
وينبغي التنبيه على أنّ سماحة السيد (دام ظلّه) هو من أصحاب التراجم وذوي الرأي المعتمد في الرجال.
وعلى أي حال؛ فالرجل في أعلى درجات الوثاقة كما أنّ نسبة كتاب تحف العقول إليه بشهادة كبار الطائفة ممّا يمكن القول بها غير أنّ تكثر الاحتمالات في مثل هذا الكتاب ونسبته ألى مؤلفه يوجب الاحتياط في البناء على مروياته. فليُتأمّلْ فيه.
والعلم عند الله تعالى.
وَكَتَبَهُ الْأقَلُّ:
مَاْهِرٌ الْفَرْحَاْنِيُّ الْصّيْمَرِيُّ
٢٢/ربيع الثاني/١٤٤٠
قمِ المقدّسة