تزوّج عليٍ الأکبر (علیه السلام):
السؤال: هل تزوج عليٌ الأكبر (عليه آلاف التحية والثناء) ؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبرکاته.
بسم الله الرحمن الرحیم.
الحمد للّه ربّ العالمين.
۱):أولاً:
ما ذكر بعنوان دليل من عبارة ((يا أبا الحسن )) المزار بها علي الأكبر (عليه آلاف التحية والثناء) فليس له وجه ودلالة إذ إن الكنی لا تدلّ على وجود ولد لصاحب الكنية (المكنّی) .
*فلنقف وقفة عند بعض نماذج معاً:
على سبيل المثال تجدون أن الحسين بن علي (عليهما السلام) كني بأبي عبد الله وليس له ولد بإسم عبد الله.
اللهمَّ إلا أن يقال فما بالنا بـ((عبد الله الرضيع)).
فنقول:
إنه اختلفت كلمة المؤرخين في الطفل الرضيع (عليه السلام) هل إنه علي الأصغر (عليه السلام) أو عبد الله الرضيع أو كلاهما واحد؟
والظاهر وحدتهما بقرائن ذكرت في محلّها وإسمه علي الأصغر (عليه السلام) حيث اتفقت كلمة الكبار على أن الإمام الحسين (روحي لمضجعه الشریف الفداء) سمّی جميع أولاده الذكور بإسم “علي” .
مضافاً إلى أن ديدن العرب على وضع الكنية بإسم الولد الأكبر. فتدبّر.
مثال آخر:
فقد جاء في جلاء العيون للعلامة المجلسي (رحمه الله) خبر يحكي قضية زواج الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام) من سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث خاطب كلّ من الخليفة الأول والثاني الإمام علي (عليه السلام) بـ((بأبي الحسن)) بينما الإمام لم يكن متزوجاً بعدُ کي يكون له ولد بإسم((الحسن)).
فلا وجه لهذا الدليل أساساً کما عرفت.
۲)ثانياً:
وما أدّعيَ دليلاً ثانیاً على وجود ذرية له (عليه السلام) من عبارة ((أبنائك)) في زیارته الشریفة وغیرها.
فنقول:
المشهور في زيارات الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أنه يؤتی فيها بسلام على أولادهم عادة وإن لم يكن لهم أولاد.
وإن شئت فمثّل لذلك:
بزیارة الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حین نخاطبه:
((وعلى أهل بيتك)) بينما یقع التعبير عن (( أهل البيت)) عادة في خصوص ما إذا كان للشخص زوجة وذرية مع أنه أثبت غیر واحد من المحققّين عدم زواج الإمام المتظر (روحي فداه) في عصر الغيبة لعدم تلائمه مع مقتضيات الغيبة وهو الأصحّ. والله العالم.
أو في زيارات أخرى خوطب الإمام (روحي فداه) بالسلام على أولاده وأبنائه وذريته وهي المحکیّة في غيبة الطوسي (رحمه الله) وغيره فراجع.
۳)ثالثاً:
لو كان الأمر كما زُعِم، فما وجه کلام سید الشهداء (عليه السلام) يوم عاشوراء حينما خرج علي الأكبر (عليه السلام) إلی ساحة القتال مخاطباً عمر بن سعد (علیه اللعنة) :
((اللهمَّ أشهد على هؤلاء القوم قد خرج إليهم شاب _ غلام _ كنا إذا أشتقنا النظر إلى وجه حبيبك رسول الله (صلى الله عليه و علی آله وسلّم) نظرنا إليه وهو أشبه الناس برسولك خَلقاً وخُلقاً ومنطقا، اللهمَّ مزّقهم تمزيقا…إلى أن قال (فدته نفسي) : “اللهمَّ إقطع رحمه كما قطع رحمي” )). ؟!!
أيمكن أن يقول الإمام (عليه السلام): “كما قطع رحمي” وله ذرية من علي الأكبر (عليه السلام) يعدّون رحماً للحسين (عليه السلام) ؟!!
۴)رابعاً: ثبتت شهادة کبار المؤرخین بعدم وجود عقب لعلي الأکبر (علیه السلام) کصاحب الطبقات _ إبن سعد _ وصاحب کتاب مقاتل الطالبیین أبو الفرج الإصفهاني حيث قال كلّ منهما في ترجمة علي الأکبر (علیه السلام) : “إنّه لا عقب له”.
لا یقال:إنّ صاحب کتاب مقاتل الطالبیین رجل عاميّ فلا یعتدّ بکلامه.
لأنّا نقول:
أولاً: المؤرّخ وإن کان رجلاً عامیّاً ولکنه أمین في نقل التأریخ إلّا أن یثبت کونه کاذباً مغرضاً فیترك نقله. نعم یمکن إظهاره الحق باطلاً والباطل حقاً غیر أنّه لا یخدش ذلك في النقل التأریخيّ مع العلم بالمباني و المبادئ الأصلیّة الأصیلة. وإن کان الثاني منهما قد ملأ کتابه الأغاني بالأباطیل علی أهل البیت (علیهم السلام) إلا أنه راعی الإنصاف شیئاً ما في کتابه مقاتل الطالبیین.
ثانیاً: الأظهر عدم تقصّد أبي الفرج الإصفهاني بنفي الولد عن علي الأکبر (علیه السلام) فالقضیة من نحو السالبة بإنتفاء موضوعها.
ثالثاً: أرشدنا کبار الأعمدة في المذهب إلی مراجعة کتاب مقاتل الطالبیین معلّلاً بکون أبي الفرج الإصفهاني من النسّابین وأهل الفن في هذا المجال وأولویّة قوله علی غیره، کالعلامة سبط شیخ الطائفة الفقیه إبن إدریس الحلّي (رحمه الله)، فلا یسهل ردّ قوله. فتأمّل.
۵)خامساً: یمکن أن یتسائل بعض یالسؤال التالي:
إنه ذکر صاحب الأشعثیات روایة عن الإمام الرضا (علیه السلام)، ذکر الإمام (علیه السلام) أنه کان لعلي الأکبر (علیه السلام) أمة _ أم ولد _ والتفصیل في محلّه.
والجواب عن هذا الاحتجاج أن یقال: أن صحة هذا الدلیل متوقفة علی ثبوت صحة نسبة الکتاب إلی المؤلف کما لم یثبت ذلك عند کبار الطائفة کالسید الخوئي(رحمه الله) مضافاً إلی کون الروایة مرسلة ولا عبرة بشيء منها إلا علی أساس جبرها بعمل الأصحاب وحیث لم یثبت فلا سبیل إلیه.
و قرّرناه بالتفصیل في رسالتنا بخصوص حلق اللحية، فراجع.
و الأدلة كثيرة أختم مکتفیاً بما أشرت.
والله العالم.
✍️: وکتبه الأقل:
ماهرٌ الفرحانيّ الصّيمريّ
۸/محرّم الحرام/۱۴۳۸
لیلة مصیبة علي الأکبر (روحي فداه)
عبادان الموقّرة