مباني المرجع سماحة السيد السيستانيّ (دام ظلّه) في رؤية الهلال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله ربّ العالمين.
أحبتي الكرام تقبل الله منكم صالح الأعمال.
نظراً لما يقع من اختلاف وتفرقة في كل عام عند قدوم شهر رمضان المبارك أو شهر شوال المكرم رأيت من الجدير بالذكر أن آتي ببعض ما يختص بماني السيد السيستانيّ (حفظه الله) بخصوص رؤية الهلال في أوائل الشهور القمرية العربية الشرعية.
۱): أنّ سماحة السيد السيستاني (دام ظلّه) لا يعتبر الرؤية بالعين المسلحة والرؤية بالتسلكوب والأجهزة المكبرة وهذا ما أشار إليه سماحة السيد (حفظه الله) في كتابه: “أسالة حول رؤية الهلال وأجوبتها” قائلاً:
إنّ المستفاد من الأدلة الشرعية كون العبرة في بداية الشهر القمري بظهور الهلال على الأفق بنحو قابل للرؤية بالعين المجردة لو لا الغيم ونحوه من الموانع الخارجية فلا تكفي ولادة الهلال وكونه موجوداً على الأفق بنحو قابل للرؤية مطلقاً أو بنحو قابل للرؤية بالأدوات المقربة و الرصد المركز فلا سبيل للمكلف إلى الأخذ بأخبار الفلكيين من إمكانية رؤية الهلال فيها بنحو قابل للرؤية بالعين المجردة. انتهی.
ويعلّل سماحته (حفظه الله) ذلك ما نصّه:
للنصوص الدالة على النهي عن الإعتماد على الرأي والتظنّي في أمر الهلال كقول الباقر (عليه السلام):
《إذا رأيتم الهلال فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا وليس هو بالرأي والتظنّي ولكن بالرؤية》.
(تهذيب الأحكام:۴/۱۵۶).
ملاحظةٌ:
نعم إذا حصل للمكلف العلم أو الاطمئنان ولو من خلال التجربة والممارسة بأنّ الهلال الموجود على الأفق المحلي بحجم كذا وارتفاع كذا وبسائر الخصوصيات المؤثرة في الرؤية قابل لأن يرى بالعين المجردة وإنما لم يُرَ بسبب السحاب أو الضباب أو الغبار أو نحوها يلزمه العمل بموجب ما حصل له من العلم أو الاطمئنان.
۲): أنّ سماحة السيد (مد ظلّه) لا يقبل الرؤية في بلد آخر إلا إذا تلازمت رؤيته في نفس البلد المسكون فيه بالنسبة إلى المكلف.
فمثلاً:
إذا رؤي الهلال في أفريقيا ولو بالعين المجردة ولم يُرَ بالعين المجردة في العراق أو إيران یتعين عدم الجواز لمقلدي سماحة السيد (حفظه الله) أن يصوموا أو يفطروا على أساس تلك الرؤية.
۳): شهادات الفلكيين: أنّ سماحة السيد السيستانيّ (صانه الله) يفرق بين الشهادات التي يصدرها الفلكيون.
فهناك شهادات قطعية لا خلاف فيها.
منها: أن لو شهد الفلكيون أن الهلال لم يولد أو أن الهلال لم يخرج من محله أو أن الهلال عمره هكذا فهذه الشهادات كلها معتبرة ولها الحجية فيما نحن فيه.
فإذا شهد أحد الرؤية بالعين المجردة والفلكيون قالوا إن الهلال لم يخرج من محله بعدُ فلا عبرة بشهادة ذلك الشخص الذي ادّعی الرؤية.
📌من الشهادات التي اعتبرها سماحة السيد (دام بقاؤه) وجعلها من القطعيات هي شهادتهم بعدم إمكانية رؤية الهلال إذا كان إرتفاعه أكثر من خمس درجات فعند ذلك لم يكن هناك اعتبار برؤية حصلت لشخص بعينه المجردة.
كما أشار إلى هذا المعنى عند استفتاء صدر من مكتبه الشريف في:
“اليوم ۲ من شهر شوال المكرم/۱۴۳۱ للهجرية القمرية”.
📌من الأمور القطعية لدى سماحته (حفظه الله) هو عدم قبول الرؤية إذا لم يكن الهلال مولوداً.
📌من جملة الشهادات الفلكية التي إعتبرها سماحة السيد (أعزه الله) شهادتهم بأن الهلال لم يكن قابلاً للرؤية بالعين المسلحة.
فإذا كان الهلال غير قابل للرؤية بالعين المسلحة فتثبت عدم إمكانية رؤيته بالعين المجردة بطريق أولی.
ملاحظةٌ:
سماحة السيد (دام ظلّه) لا يعتبر شهادة من يدعي الرؤية من عوام الناس عند حصول العلم أو الاطمئنان بأن الهلال رفيع جداً بحيث لم يُرَ مثله من قبلُ بالعين المجردة.
۴): (المعارضة الحكمية):
السيد السيستاني (دام ظىّه) يعتبر المعارضة الحكمية معتبراً حجيته فيما نحن فيه.
ويتضح تعريفها ضمن المثال الآتي:
إذا خرج مئة شخص أمام مجلس الأمة وقالوا رأينا الهلال وجاء خمسة أو ستة أو سبعة عندهم معرفة بخروج الهلال -والجو نفس الجو- وقالوا لم نر الهلال فشهادة الفئة الأولى مردودة غير مقبولة حينئذ وهذا ما يسميه سماحة السيد (حفظه الله) بالمعارضة الحكمية.
والذي لم يطلع على مبنى سماحة السيد (دام ظلّه) سيخوض مع الذين ادعوا الرؤية ويقول بكفاية شهادة هؤلاء وأنه ليس من اللازم أن مرجعي يعيّن أو لا يعين شيئاً من ذلك.
فلنعرف مبنى سماحته (مد ظلّه) وهو ثبوت التعارض الحكميّ بين الشهادات المثبتة أو النافية (ممن يعرف مكان الهلال بدقة ومعه الأدوات المقربة و لم يتيسر له رؤية الهلال) في مثل هذه الحالة.
لما ورد في النص الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام):
《إذا رآه واحد رآه مئة وإذا رآه مئة رآه الف》.
والله تعالى العالم.
وَكَتَبَهُ الْأقَلُّ:
مَاْهِرٌ الْفَرْحَاْنِيُّ الْصَّيْمَرِيُّ
۲۹/شعبان المعظّم/۱۴۳۷
قمِ المقدّسة
وإليك التفصيل الاستدلاليّ الفقهيّ بإضافة بعض التعليقات في الملف أدناه فأقرأ وتمعّن وتفطّن ترشدْ وتعلمْ وتترقَ.